تستمر المفاوضات بين مستثمر إماراتي، ومن ورائه الدولة، وبين إدارة فريق “بيتار القدس” الاسرائيلي لكرة القدم. والهدف شراء النادي المعروف بجماهيره اليمينية المتشددة وبمعاداته للعرب. فما هي مصلحة دولة الإمارات من شرائه؟
التعاون الرياضي بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل ليس جديداً، وكان قد بدأ منذ سنوات، حين شاركت فرق إسرائيلية في عدة نشاطات أقيمت في أبو ظبي ودبي، خصوصاً في ألعاب “الجودو” وكرة المضرب، وكذلك في مسابقة الراليات. وفي المقابل شاركت الإمارات بـ “طواف إيطاليا” الذي أنطلق من القدس عام 2018. وفي حال تمت صفقة الإمارات واشترت النادي الإسرائيلي فإنه سيكون أول استثمار إمارتي في مجال الرياضة الإسرائيلية.
“بيتار القدس” أو “بيتار يوروشلايم” بالعبرية، هو النادي الإسرائيلي الوحيد الذي لم يشرك أي لاعب عربي أو مسلم للعب ضمن صفوفه، كما هي الحال في بقية النوادي اليهودية. وللفريق تاريخ مثير للجدل في إسرائيل. ويطلق مشجعوه على أنفسهم تسمية “لا فاميليا”، أي الاسرة أو العائلة. وقد اعتادوا توجيه الشتائم للمسلمين خلال المباريات. وهم يهتفون من المدرجات: “محمد مات.. محمد مات”، و”الحرب الحرب”، كلما كانت هناك مباراة مع فريق من فلسطينيي الداخل، أو “عرب إسرائيل” كما يحلو للبعض تسميتهم.
“بيتار” ومنذ تأسيسه عام 1936 ارتبط بالسياسة بشكل وطيد، فالاسم هو اختصار لـ: “بريت يوسف ترومبلدور”، أي تحالف يوسف ترومبلدور، وهي منظمة شبيبة الصهيونيين التصحيحيين التي أسسها زئيف جابوتنسكي وأراد من خلالها أن يخلد زميله ترومبلدور. وهو يهودي مولود في القفقاس (القوقاز) ويعتبر شخصية مثالية ضحت في سبيل الصهيونية. وقد عمل الاثنان معاً على إقامة الكتائب اليهودية خلال الحرب العالمية الأولى. أخذ جابوتنسكي الأحرف الأولى من اسم رفيقه عنواناً لمنظمة “بيتار”.
في ثلاثينات القرن الماضي، نشط أعضاء “بيتار” في الأعمال الإرهابية داخل فلسطين، وتحالفوا مع “الأيتسل”، وهي منظمة صهيونية نفذ أعضاؤها عدة عمليات ضد العرب، قبل انسحاب القوات البريطانية من فلسطين.
مع الزمن، تحولت منظمة “بيتار” من طابعها العسكري لتصبح رياضية فحسب. وصار لها عدة نواد لكرة القدم في إسرائيل، أشهرها “بيتار القدس”. إنه فريق العاصمة بالنسبة لإسرائيل. ولهذا السبب اختار مستثمرو دولة الإمارات التفاوض على شراء هذا النادي تحديداً، ليقولوا إنهم اشتروا فريق القدس التي تعني كثيراً بالنسبة للمسلمين. والسؤال المطروح هل تقبل رابطة مشجعي النادي التي تعد 15 ألف عضوا مسجلا، بالإضافة إلى المؤيدين غير الرسميين، هذه الصفقة؟ والسؤال الآخر: لماذا لم يحاول الإماراتيون شراء ناد عربي؟ وهناك من يرجح أن تتعاقد نواد إماراتية مع لاعبين فلسطينيين من أبناء الداخل.
ومنذ الإعلان عن قيام إسرائيل عام 1948 كانت النوادي اليهودية تستبعد من صفوفها اللاعبين العرب. لكن الصورة تغيرت تماماً خلال العقدين الأخيرين، فقد تم تسجيل عشرات الفرق العربية التي يضم معظمها فلسطينيين وبعض اللاعبين اليهود، مثل “مكابي إخاء الناصرة” ونوادي المدن العربية الأصغر مثل أم الفحم وعرعرة وباقة الغربية وسخنين.
تمكن فريق “أبناء سخنين” من الفوز بكأس دولة إسرائيل عام 2004، وشارك في مسابقة كأس الدوري الأوروبي تحت العلم الإسرائيلي. وعندما واجه هذا الفريق العربي “بيتار القدس” في المرحلة ما قبل النهائية للفوز بالكأس، هتف مشجعو “بيتار”: “الموت للعرب”. فقام مشجعو سخنين برفع العلم الفلسطيني وهتفوا: “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”. وفاز الفريق العربي على “بيتار القدس” في عقر داره. يومها تدخلت الشرطة الإسرائيلية لفك النزاع بين مشجعي الفريقين.
وفي عام 2013 قرر أركادي غايدماك، وهو يهودي روسي امتلك فريق “بيتار” آنذاك، استقدام لاعبين مسلمين اثنين من الشيشان على سبيل الإعارة، هما زاهر سعيدوف وغابرييل قادييف. يومها قامت الدنيا ولم تقعد، وأحرق مشجعو النادي إطارات السيارات ورفعوا لافتات تندد بالقرار إلى أن انتهت فترة الإعارة وغادر الاعبان الفريق المتعصب. عندها وجد قادة إسرائيل أنفسهم أمام معضلة جديدة مع النادي. إذ أن عداء المشجعين لا يطال عرب الداخل الفلسطينيين فحسب بل عموم المسلمين. وهو أمر دفع بنيامين نتنياهو، أحد أكبر مشجعي الفريق، إلى توجيه نداء للتوقف عن التطرف.
عام 2019، انتقل اللاعب النيجري علي محمد للعب مع “بيتار”. فما كان من رابطة مشجعي الفريق إلا وأن سارعت للمطالبة بالعدول عن الصفقة إذا لم يغير اللاعب اسمه. والطريف أن اللاعب مسيحي أفريقي. لكن المشجعين برروا طلبهم بالقول: “كيف سنهتف باسمة محمد أم علي”؟. وقد أثار ذلك الموقف جدلا ًفي وسائل التواصل الاجتماعي في إسرائيل، خصوصاً وأن اللاعب النيجري رفض رفضاً قاطعاً تغيير اسمه. وفي النهاية صاروا ينادونه “علي مو”، على غرار التسمية التي أطلقها مشجعو نادي “ليفربول” الإنكليزي على اللاعب المصري محمد صلاح وصاروا ينادونه بـ “مو صلاح”.
يعتمد فريق “بيتار” في شعبيته على أبناء الطوائف الشرقية الذين يسكنون عادة في الأحياء الفقيرة والمعروفين بكراهيتهم للعرب وينتمي معظمهم إلى الأحزاب الدينية وحزب “الليكود”.
وفي تصريح لصحيفة “الغارديان” البريطانية، قال افغيدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”: “بيتار هو أهم مكتسبات دولة إسرائيل وهو الواجهة الكروية لتيار اليمين المتشدد وفخر مدينة القدس. إنه ببساطة نادي الشعب وقيمته تتمثل في حب إسرائيل والديانة اليهودية”.
Backlinks help in boosting SEO because search engines give higher priority to websites that have numerous backlinks with good quality. So what determines the quality of a backlink? THE IMPORTANCE OF BACKLINKS AND ANCHOR TEXTS